تسويق الاختراعات عالمياً

محاضرة بقلم الدكتور فرج موسى

?ئيس

الاتحاد الدولي لجمعيات المخترعين (أفيا)

?لرياض، المملكة العربية السعودية، 6 أبريل 2003

إ?محوا لي أولاً أن أوضح نقطتين قبل أن أتناول موضوع حديثي.

?ملاحظتي الأولى هي أن الفكرة ليست إختراعاً، وبالتالي لا يمكن تسويقها حتى على المستوى المحلي. ومع هذا فقد تكون لفكرة ما قيمة أحياناً، وعلى سبيل المثال تحتفظ بعض المنشآت بصناديق يمكن لموظفيها أن يضعوا فيها "اقتراحاتهم" التي يمكن - إن وجدتها الإدارة مفيدة - أن تنال مكافأة، قد تكون مالية.

?لكي يمكن تسويق الفكرة يجب أن تكون أكثر من مجرد مفهوم، يجب أن تكون أساساً لناتج ملموس (مروحة كهربية مثلا) أو لعملية (كريم تجميل جديد مثلاً).

?بعد هذا فليست كل المنتجات أو العمليات الجديدة - حتى لو كانت ممتازة - قابلة للتسويق بنجاح، فقد تكون - على سبيل المثال - أغلى من أن تباع للجمهور. فل?تصور عطراً جديداً مستخرجاً من زهرة محلية؛ إن إنتاجه رخيص تماماً? لكن تسويقه شيء آخر، فلكي تبيع هذا العطر الجديد ستحتاج الى زجاجات صغيرة عليك أن تستوردها (من إيطاليا غالباً) ويمكنكم أن تتصوروا أن تكاليف إستيراد هذه الزجاجات مرتفعة للغاية.

?النقطة الثانية التي أود أن أوضحها هي أننا حين نتحدث عن التسويق عالمياً فإننا لا نعني التسويق في كل بلدان العالم، أو حتى معظمها. ولعل التعبير الصحيح هو أن نتحدث عن الأسواق الأجنبية? أي الأسواق التي يوجد بها سكان لديهم من المال ما يكفي لدفع ثمن الناتج الجديد.

إ? الكثيرين سيسعدهم بيع منتجهم الجديد في الولايات المتحدة وألمانيا، أكثر من بيعه في الهند وباكستان وأندونيسيا، رغم أن سكان هذه البلدان الآسيوية الثلاث أكثر عدة مرات.

ودعونا الآن نبحث جانبين رئيسيين في موضوعنا.

?ولاً - أن من الضروري الحصول على حماية براءة إختراع ما قبل تسويقه.

?انيا - أن التعريف بوجود الإختراع هو الخطوة الأولى في عملية التسويق.

 

?ولا - من الضروري الحصول على حماية براءة إختراع ما قبل تسويقه

?د يقول البعض أنك لست بحاجة لمثل هذه الحماية. والمثال النموذجي هو كوكا كولا، فهذا المشروب قد اخترع في عام 1886، ولم يتمتع أبداً بحماية براءة إختراع، وإنما بحماية علامة تجارية (لإسم كوكا كولا)، وبنموذج صناعي (هذا التصميم الخاص لزجاجة الكوكا كولا التي يفترض أنها تتخذ شكل إمرأة ترتدي رداءً طويلاً ضيقاً).

?عملية مشروب الكوكا كولا سر لا يعرفه سوى شخصان في العالم، وليس مسموحاً لهما بالسفر معاً? خشية أن يموتا معا في حادثة واحدة. وقد ظل سر الكوكا كولا محمياً جيداً طيلة هذه السنوات، ولا يستطيع أحد أن ينتج مشروباً له نفس المذاق حتى يومنا هذا، فكلكم تعرفون أن لمشروب بيبسي كولا - أكبر منافسيها - مذاقاً آخر.

?كن معظم المخترعات - حين تنتج وتباع - يمكن أن تقلد بسهولة، واذكروا القلم الجاف مثلاً? الذي اخترعه السيد بيرو، وهو أرجنتيني من أصل هنغاري، وقام بحمايته ببراءة إختراع في عام 1943.

ويقودني هذا إلى نقطة أخرى، هي أن البراءة لا تستطيع أن تحمي الإختراع إلا في البلد الذي أصدر البراءة، والواقع أن أساس المصاعب التي يواجهها المخترعون حين يريدون تسويق إختراعهم عالمياً هو أن عليهم أن يحصلوا على براءة في كل بلد يسعون إلى الحماية فيه. وسأشير إلى أهم ثلاث صعوبات:

1- أن التكاليـف المتضمنة تعتبر باهظة بالنسبة لمعظم المخترعين المستقلين، فهناك الرسوم الرسمية التي تطلبها إدارات الإختراع في كل بلد، وهناك كذلك رسوم وكيل براءات الإختراع، فضلاً عن رسوم الترجمة. وبشكل عام قد يحتاج المخترع إلى أن يدفع ما بين 70 ألف ? 100 ألف ?ولار أمريكي للحصول على براءات في 5 إلى 10 بلدان هامة. وذلك فضلاً عن الرسوم المتعلقة بالإبقاء على الحماية طيلة سنوات الحماية، أي نحو 20 سنة.

2 - أن نظام البراءات معقد للغاية، والاجراءات الموضوعية ?الشكلية والرسوم تختلف من بلد إلى آخر. وعليك أولا أن تتوجه في بلدك إلى خبير يسمى وكيل البراءات، وحين تقرر حماية إختراعك في بلد أجنبي فكثيراً ما يكون ضرورياً أن توجه مختلف طلبات البراءة بلغة كل بلد، ومعنى ذلك أن عليك أن تدفع رسوم الترجمة. وفي كثير من البلدان الأجنبية لا تستطيع أن تستخدم وكيل براءتك المحلي: فلا يستطيع أن يمثلك إلا وكيل براءات في كل بلد من البلدان الأجنبية. وكثيرا ما يكون من الضروري في الولايات المتحدة الأمريكية أن يتوجه المخترع شخصياً إلى واشنطن العاصمة للإجابة على الأسئلة التي يوجهها فاحص البراءات الخ ... وكل هذه الاجراءات تسته?ك وقتاً وطاقة قد تستهلك أعصابك، فضلاً عن حافظة نقودك.

3 - ليس لدى المخترع سوى قليل من الوقت بين طلبه الأول، الذي عادة ما يقدم في بلده، وتقديم طلبات البراءة في البلدان الأجنبية، وإذا هو استخدم الطريق التقليدي لتقديم الطلبات، بموجب اتفاقية باريس، فان لديه 12 شهراً للقيام بذلك. ويوجد اليوم طري